حكم الأرجل في الوضوء - السيد علي الميلاني - الصفحة ٥٨
سقوط دعوى النسخ لحكم المسح:
فدعوى تواتر هذه الأخبار - كما في كلمات بعضهم - مردودة، ولذا اعترف غير واحد منهم بكونها آحادا (1) وحينئذ لا تصلح هذه الأخبار لنسخ الكتاب، إذ الكتاب لا ينسخ بخبر الواحد كما تقرر في علم الأصول (2) وبذلك يسقط ما عن الطحاوي وابن حزم من أن المسح منسوخ (3).
ولا يخفى أن دعوى النسخ تنحل إلى أمرين أحدهما: الإقرار بأن الآية المباركة ظاهرة في المسح، وأن المسلمين كانوا يمسحون عملا بالآية وبما علمهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولذا قال الطحاوي بعد ذكر روايات الغسل: " فدل ذلك أن حكم المسح الذي كانوا يفعلونه قد نسخه ما تأخر عنه مما ذكرنا ". والأمر الثاني: دعوى أن أخبار الغسل ناسخة لحكم المسح، وقد عرفت بطلانها، لكونها غير صحيحة سندا، ولأنها - لو كانت صحيحة - آحاد... ولعله لذا قال ابن حجر: " وقد ادعى الطحاوي وابن حزم... " إذ تعبيره ب‍ " ادعى " مشعر بوهنه، بل صرح بالوهن الآلوسي - بعد نقله عن السيوطي - فقال: " لا يخفى أنه أوهن من بيت العنكبوت وإنه لأوهن البيوت " (4).
هذا كله مضافا إلى تنصيص العلماء على أن لا منسوخ في سورة المائدة.
تعارض الأخبار ووجوب المسح:
وعلى فرض الصحة فإنها معارضة بالأخبار والآثار الصحيحة الصريحة في وجوب المسح:
فخبر عبد الله بن زيد معارض بما رووه عنه صريحا في المسح!

(١) الفخر الرازي ١١ / ١٦١، النيسابوري ٦ / ٥٣.
(٢) راجع: الموافقات للشاطبي ٣ / ٦، إحكام الأحكام للآمدي ٣ / ٢١٣.
(٣) فتح الباري ١ / ٢١٣، شرح معاني الآثار ١ / 39.
(4) روح المعاني 6 / 78.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»