الشيعي صاحب المسترشد في الإمامة، لا أبو جعفر محمد بن جرير بن غالب الطبري الشافعي الذي هو من أعلام أهل السنة، والمذكور في تفسير هذا هو الغسل فقط لا المسح ولا الجمع، ولا التخيير الذي نسبه الشيعة إليه " (1).
أقول:
هذا إن دل على شئ، فإنما يدل على ضيق الخناق، ويكشف عن عدم قناعة القوم باستدلالاتهم من الكتاب والسنة... وإلا فما الداعي لتكذيب كبار علماء طائفته، ورميهم بعدم التمييز بين الصحيح والسقيم، ورمي الشيعة بالكذب والاختلاق...
لقد أفرط الرجل في التحامل، وتفوه بما لا يجوز، فالله حسيبه...
وقد أنصف صاحب المنار إذ قال بعد نقل كلامه: " إن في كلامه - عفا الله عنه - تحاملا على الشيعة، وتكذيبا لهم في نقل وجد مثله في كتب أهل السنة كما تقدم، والظاهر أنه لم يطلع على تفسير ابن جرير الطبري... " (2).
إنه لا يهمنا التحقيق في رأي الطبري السني وأنه الجمع كما قال جماعة أو التخيير كما قال آخرون... وإنما المهم التأكيد على ظهور الآية المباركة - لا سيما على قراءة الجر - في المسح. وإذا كان الظهور فلا إجمال لتتقدم عليها السنة تقدم المبين على المجمل، لو فرض اعتبار السنة سندا ودلالة، فكيف والاعتبار غير ثابت، وعلى فرضه فهي ساقطة بالتعارض؟
ولهذه الأمور نرى الطبري وغيره ممن ذكروا رأيه ومن لم يذكروا لا يقول بإجزاء الغسل وحده، فيذهب إلى الجمع أو التخيير، عملا بكلا الطرفين.
بل لقد وجدت جماعة من الأئمة الأعلام كأحمد والأوزاعي يقولون بجواز مسح القدمين... قال القاري في مسألة مسح الرأس والأذنين:
" قال ابن حجر: والأولى غسلهما مع الوجه ومسحهما مع الرأس، خروجا من الخلاف.