الموصوفين بالصفات المذكورة في هذه الآية متصرفون في جميع الأمة، ولا معنى للإمام إلا الإنسان الذي يكون متصرفا في كل الأمة، فثبت بما ذكرنا دلالة هذه الآية على أن الشخص المذكور فيها يجب أن يكون إمام الأمة.
أما بيان المقام الثاني، وهو أنه لما ثبت ما ذكرنا وجب أن يكون ذلك الإنسان هو علي بن أبي طالب. وبيانه من وجوه:
الأول: أن كل من أثبت بهذه الآية إمامة شخص قال: إن ذلك الشخص هو علي ، وقد ثبت بما قدمنا دلالة هذه الآية على إمامة شخص، فوجب أن يكون ذلك الشخص هو علي عليه السلام، ضرورة أنه لا قائل بالفرق.
الثاني: تظاهرت الروايات على أن هذه الآية نزلت في حق علي عليه السلام، ولا يمكن المصير إلى قول من يقول: إنها نزلت في أبي بكر رضي الله عنه، لأنها لو نزلت في حقه لدلت على إمامته، وأجمعت الأمة على أن هذه الآية لا تدل على إمامته، فبطل هذا القول.
والثالث: أن قوله: (وهم راكعون) لا يجوز جعله عطفا على ما تقدم، لأن الصلاة قد تقدمت، والصلاة مشتملة على الركوع، فكانت إعادة ذكر الركوع تكرارا، فوجب جعله حالا، أي: يؤتون الزكاة حال كونهم راكعين.
وأجمعوا على أن إيتاء الزكاة حال الركوع لم يكن إلا في حق علي عليه السلام، فكانت الآية مخصوصة به ودالة على إمامته من الوجه الذي قررناه، وهذا حاصل استدلال القوم بهذه الآية على إمامة علي عليه السلام.
ثم قال: والجواب: أما حمل لفظ الولي على الناصر والمتصرف معا فغير جائز، لما ثبت في أصول الفقه أنه لا يجوز حمل اللفظ المشترك على مفهوميه معا. (إنتهى كلامه).