يقبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا: هذا قد صحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورآه وسمع منه، وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره، ووصفهم بما وصفهم فقال عز وجل: ﴿وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم﴾ (1). ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان، فولوهم الأعمال وحملوهم على رقاب الناس، وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله. فهذا أحد الأربعة.
ورجل سمع من رسول الله شيئا لم يحمله على وجهه، ووهم فيه ولم يتعمد كذبا، فهو في يده يقول به ويعمل به ويرويه، فيقول: أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه، ولو علم هو أنه وهم لرفضه.
ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا أمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شئ ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ، ولو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.
وآخر رابع لم يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مبعض للكذب خوفا من الله وتعظيما لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. لم ينسه بل حفظ ما سمع على وجهه، فجاء به كما سمع لم يزد فيه ولم ينقص منه، وعلم الناسخ من المنسوخ فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ، فان أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثل القرآن ناسخ ومنسوخ [وخاص وعام] ومحكم ومتشابه، وقد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكلام