وما ربما يقال من أن سفرهم إلى المدينة لأجل قصد عبادة أخرى وهو الصلاة في المسجد، باطل جدا، فإن المنازعة فيما يقصده الناس مكابرة في أمر البديهة، فمن عرف الناس، عرف أنهم يقصدون بسفرهم الزيارة من حين يعرجون إلى طريق المدينة، ولا يخطر غير الزيارة من القربات إلا ببال قليل منهم، ولهذا قل القاصدون إلى البيت المقدس مع تيسر إتيانه، وإن كان في الصلاة فيه من الفضل عندما قد عرف، فالمقصود الأعظم في المدينة، الزيارة كما أن المقصود الأعظم في مكة، الحج أو العمرة وهو المقصود، وصاحب هذا السؤال إن شك في نفسه فليسأل كل من توجه إلى المدينة ما قصد بذلك؟ (1) الرابع: إنه إذا كانت الزيارة قربة وأمرا مستحبا على الوجه العام أو الخاص، فالسفر وسيلة القربة، والوسائل معتبرة بالمقاصد فيجوز قطعا.
الخامس: عندما نقله المؤرخون عن بعض الصحابة والتابعين في هذا المجال.
1. قال ابن عساكر: إن بلالا رأى في منامه النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " وهو يقول له: عندما هذه الجفوة يا بلال، أما آن لك أن تزورني يا بلال؟ فانتبه حزينا، وجلا خائفا، فركب راحلته وقصد