فعلى هذين الصورتين ليس هناك نهي عن شد الرحال إلى غير الثلاثة خصوصا الصورة الثالثة، وأقصى عندما فيها الدعوة إلى السفر إلى هذه الثلاثة.
وثانيا: نفترض أن الصحيح هو الصورة الأولى لكن المستثنى منه بقرينة المستثنى محذوف وهو لفظ المسجد، فيكون معناه لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد إلا إلى هذه المساجد الثلاثة، فلو دل فإنما يدل على النهي على شد الرحال إلى مسجد سوى المساجد الثلاثة، وأما السفر إلى الأماكن الأخرى فالحديث ساكت عنه غير متعرض لشئ من أحكامه، فإن النفي والإثبات يتوجهان إلى السفر إلى المسجد لا إلى الأمكنة الأخرى، كزيارة النبي ومشاهد الشهداء ومراقد الأولياء.
وثالثا: إن الحديث لا يدل - حتى - على حرمة السفر إلى مسجد غير هذه الثلاثة، وإنما هو إرشاد إلى عدم الجدوى في السفر إلى غيرها، وذلك كما قاله الإمام الغزالي: لأن سائر المساجد متماثلة في الفضيلة بعد هذه المساجد فلا وجه لشد الرحال إلى غيرها وإنما يشد الرحال إذا كان هناك تفاوت في الفضيلة. (1) وأما شد الرحال إلى زيارة أئمة أهل البيت " عليهم السلام " أو الشهداء فيعلم ذلك مما قد أوردناه من الأحاديث، فإذا خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المدينة لزيارة قبور الشهداء فأئمة أهل البيت أئمة الشهداء