بحوث قرآنية في التوحيد والشرك - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٦٢
إذا أشرفنا على حرة وأقم (1) فلما تدلينا منها وإذا بقبور بمحنية (2)، قال:
قلنا يا رسول الله: أقبور إخواننا هذه.
قال: قبور أصحابنا، فلما جئنا قبور الشهداء، قال: هذه قبور إخواننا. (3) الثالث: إطباق السلف والخلف على شد الرحال إلى زيارة النبي " صلى الله عليه وآله وسلم "، لأن الناس لم يزالوا في كل عام إذا قضوا الحج يتوجهون إلى زيارته ومنهم من يفعل ذلك قبل الحج.
قال السبكي: هكذا شاهدناه وشاهده من قبلنا وحكاه العلماء عن الأعصار القديمة... وكلهم يقصدون ذلك ويعرجون إليه وإن لم يكن طريقهم، ويقطعون فيه مسافة بعيدة وينفقون فيه الأموال، ويبذلون فيه المهج، معتقدين أن ذلك قربة وطاعة، وإطباق هذا الجمع العظيم من مشارق الأرض ومغاربها على مر السنين وفيهم العلماء والصلحاء وغيرهم يستحيل أن يكون خطأ وكلهم يفعلون ذلك على وجه التقرب به إلى الله عز وجل، ومن تأخر عنه من المسلمين فإنما يتأخر بعجز أو تعويق المقادير مع تأسفه عليه ووده لو تيسر له، ومن ادعى أن هذا الجمع العظيم مجمعون على خطأ فهو المخطئ.

١. الحرة: الأرض ذات الحجارة، وأقم: أطم من آطام المدينة وإليه تنسب الحرة.
٢. المحنية: انعطاف الوادي.
٣. سنن أبي داود: ٢ / 218 برقم 2043، آخر كتاب الحج.
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»