بحوث قرآنية في التوحيد والشرك - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٦٦
سؤال وإجابة وثمة سؤال وهو أنه إذا كان شد الرحال إلى زيارة القبور وبالأخص زيارة قبر النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " جائزا، فما معنى هذا الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه، وهو لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى؟
والجواب أولا: إن هذا الحديث وإن أخرجه مسلم، لكنه معارض بفعل النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " حيث إنه كان يشد الرحال إلى مساجد غير هذه الثلاثة.
فقد أخرج الشيخان في صحيحهما أن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " كان يأتي مسجد قبا راكبا وماشيا فيصلي فيه. (1) فكيف يجتمع هذا الحديث مع حديث النهي الذي لسانه آب عن التخصيص، وهذا يدل على أن الحديث الأول إما غير صحيح وعلى فرض صحته نقل محرفا.
والدليل على التحريف أنه نقل بوجه آخر أيضا، وهو إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد: مسجد الكعبة، ومسجدي، ومسجد إيلياء.
وأيضا بصورة ثالثة تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد. (2)

١. صحيح مسلم: ٤ / ١٢٧، صحيح البخاري: ٢ / 176.
2. أورد مسلم هذه الأحاديث في صحيحه: 4 / 126، باب لا تشد الرحال من كتاب الحج وكذلك النسائي في سننه المطبوع مع شرح السيوطي: 2 / 37 - 38، وقد ذكر السبكي صورا أخرى للحديث هي أضعف دلالة على مقصود المستدل لاحظ شفاء السقام: 98.
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»