(حدثنا) إبراهيم بن موسى، نا عبد الوهاب، ثنا خالد، عن عكرمة، أن ابن عباس قال له ولعلي بن عبد الله آتيا أبا سعيد فاسمعا من حديثه فأتيناه وهو أخوه في حائط لهما يسقيانه، فلما رآنا جاء فاحتبى وجلس فقال: كنا ننقل لبن المسجد لبنة لبنة وكان عمار ينقل لبنتين لبنتين فمر به النبي صلى الله عليه وآله ومسح عن رأسه الغبار وقال:
" ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى النار ".
(متفق عليه) واللفظ للبخاري وأخرجه في " صحيحه " (1 / 394) الجزء / 11 باب مسح الغبار من كتاب الجهاد قوله: (يدعوهم إلى الجنة) والمراد بالدعاء إلى الجنة أو إلى الله: أي إلى سببها وهو طاعة الإمام وكان الإمام الواجب الطاعة إذ ذاك هو أمير المؤمنين علي عليه السلام وكان معاوية يدعوهم إلى جهنم (22 / 231) من " الفتح الرباني " وقال ابن حجر المكي في قوله في عمار: أنه يدعوهم إلى الجنة ويدعوهم إلى النار، وبالضرورة إن الذين دعاهم عمار إلى ذلك هم فئة معاوية فحكمه صلى الله عليه وسلم بأنهم يدعونه إلى النار صريح في أنهم على الضلال ولو صح الحديث ولم يكن تأويله.
أقول، وفي هذا الحديث إشارة جليلة بل فيه نص صريح على أن معاوية وأتباعه أئمة النار كما قال الله عز وجل (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار يوم القيامة لا ينصرون) ويدل عليه أيضا رواية عمرو بن الحمق قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فقالوا: يا رسول الله: إنك تبعثنا ولا لنا زاد ولا لنا طعام ولا علم لنا بالطريق فقال: " إنكم ستمرون برجل صبيح الوجه يطعمكم من الطعام ويسقيكم من الشراب ويدلكم على الطريق وهو من أهل الجنة فلم يزل القوم على جمل جعل يشير بعضهم إلى بعض..
ثم هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا أنا عنده ذات يوم فقال لي، يا عمرو هل لك أن أريك آية الجنة تأكل الطعام وتشرب الشراب وتمشي في الأسواق؟ قلت: بلى بأبي أنت قال: " هذا وقومه أشار بيده إلى علي بن أبي طالب " وقال لي: يا عمرو هل لك أن أريك آية النار، تأكل الطعام وتشرب الشراب وتمشي في الأسواق؟ قلت: بلى بأبي أنت قال: " هذا و قومه آية النار، وأشار إلى رجل، فلما وقعت الفتنة ذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ففررت من آية النار إلى آية الجنة ويرى بني أمية قاتلي بعد هذا، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: والله إن كنت في حجر في جوف حجر لاستخرجني بنو أمية حتى يقتلوني، حدثني به حبيبي رسول الله، إن رأسي أول رأس تحيز في الإسلام وينقل من بلد إلى بلد: رواه الهيثمي في " مجمع الزوائد " (9 / 406)