ومعونته وإسعافه، فلما رأوا غطرسته وجبروته، وكان الاعتساف بدل الإسعاف، والإجحاف عوض الإنصاف، وكان فيهم (أي العراقيين) كما ذكرنا بقية شرف وشمم، وعزة وكرامة، ونبل وشهامة، وصلابة عود، وقوة إيمان، وتأبى أن تحمل الضيم وتخضع للظالم، فثاروا عليه وانتفضوا عليه غير مرة كسروا بها شوكته، وأذلوا عزته، فأخذ على عادته وقاعدته من اللف والدوران، فضربهم الضربة القاضية، ولطمهم اللطمة القاسية وأعطاهم الحكم المغلف والاستقلال المزيف.
رأى (أي الاستعمار) أنه لا يستولي على العراق تماما إلا بفساد الأخلاق، والعراقي بلطافة طبعه وخفة روحه، سريع الاستجابة إلى الشهوة العارمة والنزوة الراغمة.
وكان أكبر هم المستعمر جلب المغريات، وإثارة الشهوات، فتم له ما أراد، فهد جميع قوى العراق بلا كفاح ولا قوة، وسرت روح الفساد، فساد الأخلاق والاستهتار والخلاعة، وموت الشعور والوجدان.
حضر عندي في العهد القريب رجل من المحافظين على اتزانه وإيمانه وصار يشكو من سوء الوضع وتردي الأحوال، والارتشاء العلني، فأردت تسكين لوعته نوعا