الشيعة وفنون الإسلام - السيد حسن الصدر - الصفحة ١٥٩
ثم قال لي: تتبعه وزد فيه ما وقع لك، واعلم يا أبا الأسود أن الأشياء ثلاثة ظاهر ومضمر، وشئ ليس بظاهر ولا مضمر.
قال أبو الأسود فجمعت منه أشياء وعرضتها عليه فكان من ذلك حروف النصب فذكرت فيها أن وإن وليت ولعل وكأن، ولم أذكر لكن، فقال لي لم تركتها؟ فقلت: لم أحسبها منها، فقال: بل هي منها، فزدتها فيها، انتهى ما في أمالي الزجاج.
قلت وبعد حمل المجمل من هذه الوجوه على مبينها ومطلقها على مقيدها يكون الحاصل منها أن سماع اللحن ممن فسد لسانه بمخالطة العجم سبب وضع أمير المؤمنين له وأمر أبي الأسود باتباعه نحو، وكل هذ الوجوه ترد مقالة ابن فارس أيضا كم قدمنا.
وأما روايات للسبب الذي دعا أبا الأسود إلى ما رسمه من النحو فأيضا لا تنافي بينها، فقد حكى أبو سعيد أنه مر بأبي الأسود سعد وكان رجلا فارسيا من أهل زندخان كان قدم البصرة مع جماعة أهله، فدنوا من قدامة بن مظعون وادعوا أنهم أسلموا على يديه وأنهم بذلك من مواليه، فمر سعد هذا بأبي الأسود وهو يقود فرسه، فقال: مالك يا سعد: لم لا تركب؟ قال إن فرسي ضالعا أراد ضالع، قال فضحك به بعض من حضره، فقال أبو الأسود هؤلاء الموالي قد رغبوا في الإسلام ودخلوا فيه فصاروا لنا إخوة، فلو عملنا لهم الكلام فوضع باب الفاعل والمفعول، وأن امرأة دخلت على معاوية في زمن عثمان وقالت: أبوي مات وترك مالا، فاستقبح معاوية ذلك، فبلغ الخبر عليا فرسم لأبي الأسود فوضع أبو الأسود أولا باب الياء والإضافة، ثم سمع رجلا يقرأ إن الله بريء من المشركين ورسوله بالجر فصنف بابي العطف والنعت.
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»