الشيعة وفنون الإسلام - السيد حسن الصدر - الصفحة ١٥٤
فيه وأخذ عنه سيبويه وبعده الأخفش، ثم صار أهل الأدب كوفيا وبصريا.
وقال الكفعمي من الإمامية في كتاب مختصر نزهة ابن الأنباري أن أبا الأسود الدؤلي أول من وضع علم العربية وأخذه أبو الأسود من علي عليه السلام، قلت: وفي هذا كفاية لمن أراد تحقيق الحقيقة تبصرة.
قال ابن فارس في كتابه الصاحبي المترجم بفقه اللغة ما لفظه، فإن قال قائل فقد تواترت الروايات بأن أبا الأسود أول من وضع العربية وأن الخليل أول من تكلم في العروض، قيل له: نحن لا ننكر ذلك بل نقول إن هذين العلمين قد كانا قديما وأتت عليهما الأيام وقلا في أيدي الناس، ثم جددهما هذان الإمامان، انتهى. قلت: هذا بظاهره يشبه كلام أهل السوداء ضرورة عدم حاجة عرب الجاهلية إلى علم النحو، لأنهم فطروا على العربية وجبلوا عليها لا يستطيعون خلافها حتى يحتاجون إلى علم ما يقوم لسانهم.
والروايات التي اعترف بتواترها روت السبب في وضع أمير المؤمنين عليه السلام له وسبب نحو أبي الأسود نحوه، وحاصلها فساد لسان أولاد العرب المتولدين من الأنباط والموالي في أيام النبوة وبعدها فحاولوا السراية وفساد اللغة فرسموا النحو لحفظ ما كان محفوظا بالفطرة الأصلية.
وبالجملة التاريخ والاعتبار يدلان على خلاف ما زعمه هذا الفاضل وهو رأي تفرد به مر فيه على وجهه لم يدر ما يدخل عليه من ذلك فنأخذ ما روى وننبذ ما رأى، وأما وهمه في قدم العروض فقد قدمنا جوابه فلا نعيد.
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»