فكم هو شاسع الفرق بين أن يقف المرء عند قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسكون وهيبة وخشوع، يصلي ويسلم عليه وعلى آله بأكمل الصلوات والتحيات، ويرتل المشروع من الدعاء، عارفا بمقام النبي الكريم، مستحضرا عظمته وعظمة ما أداه من أثر في إحياء بني الانسان، مجددا معه عهد الاقتداء بسلوكه العظيم..
وبين أن تغيب عنه كل هذه المعاني الجليلة.
فلا بد إذن من فقه بالعبادات، فقه بأحكام الشريعة كلها، الفقه الكافي في المحافظة على صورتها، كأقرب ما تكون إلى الكمال.. ولابد إلى جانب هذا الفقه من وعي بأبعاد هذه الأحكام وأهدافها ومقاصدها العامة التي لاجلها بالدرجة الأولى شرعت، أو التي ستنعكس عنها.
ومن بين هذه الأهداف المقصودة من وراء الزيارة تركيز ضرورة الاقتداء بهؤلاء العظماء، وتجديد العهد معهم، وتعضيد المعرفة بحقوقهم، ولا شك في أن هذا الهدف مقصود لوحده في الشريعة، وقد أمرت به وحثت عليه، وجعلت له أبوابا ومداخل كثيرة، وهذه واحدة من تلك الأبواب والمداخل، بل لعلها من أهمها، لما تزرعه في الزائر من شعور بالقرب الأكيد من النبي أو الامام المزور.
والأمة إنما تحيا بأسباب، ومن أهم أسباب حياتها هو تمجيدها عظمائها، وإحيائها ذكرهم، الامر الذي سيجعلهم أحياء فيها على الدوام، وإن بعدت بهم القرون.
وبهذا الفقه والوعي يندفع الضجيج الذي يثيره البعض حول مشروعية الزيارة، بحجة ما يصدر من كثير من الزائرين من أخطاء تمتزج بأعمالهم في الزيارة، فإذا كانت هذه الأخطاء يجب تجنبها، وهو كذلك، فإنها أيضا لا تكون