والثانية: ممارسة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لها وأحاديثه الواردة فيها.
باستثناء ما جاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم في زيارة قبره الشريف خاصة، فقد تكفل بها الفصل الثاني من هذا الكتاب.
يلاحظ أن زيارة القبور بشكل عام مرت في عهد الرسالة بثلاث مراحل (1): مرحلة الإباحة استمرارا لما كان عليه أهل الشرائع السابقة، كما أشارت إليه آية سورة الكهف، وكما يثبته الحديث النبوي الآتي الذي يضع نهاية لهذه المرحلة، وتبتدئ المرحلة الثانية، وهي مرحلة المنع من الزيارة، وكان هذا المنع معللا كما سيأتي في الحديث النبوي، وأخيرا مرحلة الإباحة وتجديد العمل بها وفق الآداب التي أقرها الاسلام.
هذا التقسيم الثلاثي يستفاد بشكل مباشر من قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها. أخرجه مسلم والترمذي والنسائي والحاكم والبغوي، وغيرهم (2).
وهو واضح في أن المسلمين كانوا يزورون القبور، ثم نهاهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن زيارتها، ثم أذن لهم بعد ذلك بالزيارة.
وفي رواية ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما يتضمن علة النهي أو بعضها، ففيها أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، ولا تقولوا هجرا (3).