فهذا ما كان في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يأتيه المذنب، فيستغفر، ويطلب منه الاستغفار والشفاعة له، ولما ورد فيها من تكريم خاص وإجلال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وجد المسلمون استحباب العمل بها بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم، فيأتي قبره الشريف، ويستغفر عنده ويسأل صاحبه الشفاعة، ذلك لان إجلال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتكريمه واجب بعد موته كوجوبه في حياته، والعمل بهذه الآية بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كالعمل بالآية القائلة: ﴿لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول﴾ (1) حيث مضت سيرة المسلمين على وجوب العمل بها عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والأثر في ذلك كثير، بحيث كتبت هذه الآية على الجدار المقابل لقبر الرسول اليوم.
ومثل ذلك ورد في الأثر الكثير في العمل بالآية موضع الاستدلال عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في عهد الصحابة وبعده، سنورد أمثلة منها في المباحث اللاحقة، ونكتفي هنا بذكر استدلال مالك بن أنس بالآية في رده على أبي جعفر المنصور، وهما عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد سأله أبو جعفر المنصور:
أستقبل القبلة وأدعوا، أم استقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟
فقال مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله تعالى يوم القيامة؟! بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله تعالى، قال الله تعالى: ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) (2). وفي مقدمة كلام مالك وأبي جعفر كان مالك قد