سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا) قالوا: هؤلاء كانوا قوما صالحين في قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا على صورهم تماثيل، ثم طال عليهم الأمد فعبدوها... قال: وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك. واحتج أيضا بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
وعلى هذا قال: كان السلف من الصحابة والتابعين إذا سلموا عليه وأرادوا الدعاء، دعوا مستقبلي القبلة ولم يستقبلوا القبر (1).
وهذا مما لا يحتج به ذو معرفة، فهل كان على الله تعالى أن لا يبعث نبيا، سدا للذرائع، إذا كانت أمة سالفة قد عبدت نبيها وألهته؟! أم عليه تعالى إذا بعث نبيا ألا يميته؟! وإذا أماته أن يرفعه إلى السماء لئلا يدفن بين أمته فيتخذون قبره مسجدا؟!
لقد بينت الشريعة التوحيد وحدوده، والشرك وحدوده، وحتى الشرك الأصغر، ليجتنبه الناس ولا يخلطون بعباداتهم، وطاعاتهم وأعمالهم ومعتقداتهم شيئا مما يدخل تحت عنوان الشرك، ليبقى الواجب واجبا، والمندوب مندوبا، والمباح مباحا، كل على صورته المشروعة، وما يظهر من بدع في طريق الناس وأساليبهم يرد عليهم، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: من أدخل في أمرنا ما ليس منه فهو رد.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم المؤمنين بزيارة قبور إخوانهم، فهل يعني أنه أباح لهم إقامة الأوثان عليها والسجود لها؟