من ذلك ما رواه عدة من فقهائكم منهم محمد بن عبيد الطنافسي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر الشعبي: أن قوما أقبلوا من الدفينة متطوعين - أو قال: مجاهدين - فنفق حمار رجل منهم، فسألوه أن ينطلق معهم ولا يتخلف، فأبى فقام فتوضأ ثم صلى، ثم قال: اللهم إنك تعلم أني قد أقبلت من الدفينة مجاهدا في سبيلك ابتغاء مرضاتك، وإني أسألك أن لا تجعل لأحد علي منة، وأن تبعث لي حماري، ثم قام فضربه برجله، فقام الحمار ينفض أذنيه، فأسرجه وألجمه، ثم ركب حتى لحق أصحابه، فقالوا له: ما شأنك؟ قال: شأني أن الله بعث لي حماري.
قال محمد بن عبيد: قال إسماعيل بن أبي خالد: قال الشعبي: فأنا رأيت حماره بيع بالكناسة.
فهذا من عجائبكم ورواياتكم، ولسنا ننكر لله قدرة أن يحيي الموتى، ولكنا نعجب أنكم إذا بلغكم عن الشيعة قول عظمتموه وشنعتموه، وأنتم تقولون بأكثر منه، والشيعة لا تروي حديثا واحدا عن آل محمد (عليهم السلام) أن ميتا رجع إلى الدنيا كما تروون أنتم عن علمائكم، إنما يروون عن آل محمد أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لأمته: (أنتم أشبه شئ ببني إسرائيل، والله ليكونن فيكم ما كان فيهم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه).
وهذه الرواية أنتم تروونها أيضا، وقد علمتم أن بني إسرائيل قد كان فيهم من عاش بعد الموت، ورجعوا إلى الدنيا، فأكلوا وشربوا ونكحوا النساء، وولد لهم الأولاد، ولا ننكر لله قدرة أن يحيي الموتى، فإن شاء أن يرد من مات من هذه الأمة كما رد بني إسرائيل فعل، وإن شاء لم يفعل.