ولا يخالف في صحة رجعة الأموات إلا خارج عن أقوال أهل التوحيد، لأن الله تعالى قادر على إيجاد الجواهر بعد إعدامها، وإذا كان عليها قادرا، جاز أن يوجدها متى شاء (1).
فإذا كان إمكان الرجعة أمرا مسلما به عند جميع المسلمين - حتى قال الآلوسي: وكون الإحياء بعد الإماتة والإرجاع إلى الدنيا من الأمور المقدورة له عز وجل مما لا ينتطح فيه كبشان، إلا أن الكلام في وقوعه (2) -.
إذن فلماذا الشك والاستغراب لوقوع الرجعة؟ ولماذا التشنيع والنبز بمن يعتقد بها لورود الأخبار الصحيحة المتواترة عن أئمة الهدى (عليهم السلام) بوقوعها؟
يقول الشيخ محمد رضا المظفر: (لا سبب لاستغراب الرجعة إلا أنها أمر غير معهود لنا فيما ألفناه في حياتنا الدنيا، ولا نعرف من أسبابها أو موانعها ما يقر بها إلى اعترافنا أو يبعدها، وخيال الانسان لا يسهل عليه أن يتقبل تصديق ما لم يألفه، وذلك كمن يستغرب البعث فيقول: * (من يحيي العظام وهي رميم) * فيقال له: * (يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم) * (3).
نعم في مثل ذلك، مما لا دليل عقلي لنا على نفيه أو إثباته، أو نتخيل عدم وجود الدليل، يلزمنا الرضوخ إلى النصوص الدينية التي هي من مصدر الوحي الإلهي، وقد ورد في القرآن الكريم ما يثبت وقوع الرجعة إلى الدنيا لبعض الأموات، كمعجزة عيسى (عليه السلام) في إحياء الموتى