وهناك عدة شواهد من السنة النبوية تعطي وصايا ذهبية للوالدين في هذا المجال، وتكشف عن الحقوق المتبادلة بين الجانبين، حيث يلزم الوالد من الحقوق لولده، ما يلزم الولد من الحقوق لوالده، يقول (صلى الله عليه وآله وسلم):
" إن لهم عليك من الحق أن تعدل بينهم، كما أن لك عليهم من الحق أن يبروك " (1)، وأيضا يقول (صلى الله عليه وآله وسلم): " اعدلوا بين أولادكم في النحل - أي العطاء - كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف " (2).
فهنا نجد نظرة أرحب وأعمق للحق، فكما أن للأب حق البر، عليه بالمقابل حق العدالة، فالحقوق يجب أن تكون متبادلة، وكل يتوجب عليه الإيفاء بالتزاماته، ويمكن التدليل على عمق النظرة النبوية من قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " إن الله تعالى يحب أن تعدلوا بين أولادكم حتى في القبل " (3)!.
صحيح أن القاعدة العامة في الإسلام تجاه الأبوين، هي قاعدة الإحسان، لا قاعدة العدل، فلا يسوغ للابن أن يقول: إن أبي لا يعطيني، فأنا لا أعطيه، أو إنه لا يحترمني فلا أحترمه، ذلك إن الأب هو السبب في منح الحياة للولد وهو أصله. ولكن الصحيح أيضا هو أن يتبع الآباء مبدأ العدل والمساواة في تعاملهم مع أبنائهم، ليس فقط في الأمور المعنوية من إعطاء الحنان والعطف والتقبيل بل أيضا في الأمور المادية، في العطية، فقد وصى النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) الآباء بقوله: " ساووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء " (4).