ثانيا: حقوق الوالدين في السنة النبوية:
احتلت مسألة الحقوق عموما وحقوق الوالدين على وجه الخصوص مساحة كبيرة من أحاديث ووصايا النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذلك للتأكيدات القرآنية المتوالية، وللضرورة الاجتماعية المترتبة على الإحسان إليهما، خصوصا وأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اضطلع بمهمة تغييرية كبرى تتمثل بإعادة تشكيل وعي جديد ومجتمع جديد.
ولما كانت الأسرة تشكل لبنة كبيرة في البناء الاجتماعي، وجب رعاية حقوق الوالدين القيمين عليها، وبدون مراعاة ذلك، يكون البناء الاجتماعي متزلزلا كالبناء على الرمل.
وعليه، فقد تصدرت هذه المسألة الحيوية سلم أولويات التوجيه النبوي، بعد الدعوة لكلمة التوحيد، فقد ربط النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بين رضا الله تعالى ورضا الوالدين، حتى يعطي للمسألة بعدها العبادي، وأكد - أيضا - بأن عقوق الوالدين هي من أكبر الكبائر، وربط بين حب الله ومغفرته، وبين حب الوالدين وطاعتهما، فعن الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام): " إن رجلا جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا رسول الله ما من عمل قبيح إلا قد عملته فهل لي من توبة؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " فهل من والديك أحد حي "؟ قال: أبي، قال: " فاذهب فبره ". قال: فلما ولى، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " لو كانت أمه " (1).