ماضر جاري أن أجاوره * أن لا يكون لبابه ستر أعمى إذا ما جارتي خرجت * حتى يواري جارتي الخدر ناري ونار الجار واحدة * وإليه قبلي ينزل القدر لكن الصحيح أيضا، أن كثيرا ما يضرب بحقوق الجار عرض الحائط، فيغار عليه، وتسلب أمواله، وتسبى حريمه في السنين العجاف، أو يشن عليه حربا لا يخف لها أوار من أجل الثأر، أو بدافع من العصبية القبلية، أو طغيان الأهواء والمصالح الشخصية. زد على ذلك كانت الإثرة والأنانية تضرب بأطنابها في المجتمع الجاهلي الذي كان على شفير الهاوية، فأنقذه الإسلام منها وانتقل المجتمع - آنذاك - إلى مدار جديد بعد أن تكرست فيه قيم وعادات جديدة.
لقد أعاد الوحي تشكيل الوعي الاجتماعي، وخلق نفوسا نبيلة تؤثر المصلحة الاجتماعية على المصالح الفردية الآنية، وخير شاهد على ذلك ما روته كتب السيرة من أنه: (أهدي لرجل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رأس شاة فقال: " إن أخي فلانا وعياله أحوج إلى هذا منا "، فبعث به إليهم، فلم يزل يبعث واحد إلى آخر حتى تداولها أهل سبعة أبيات، حتى رجعت إلى الأول) (1).
ثانيا: حق الجار في رسالة الحقوق:
رسالة الحقوق للإمام زين العابدين (عليه السلام) هي أول وثيقة إسلامية شاملة لحقوق الإنسان. وهذا الأثر النفيس بقي محفورا على لوحة الزمان،