الأعلى في مراعاة حق الإخوان، كان إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه، فإن كان غائبا دعا له، وإن كان شاهدا زاره، وإن كان مريضا عاده (1). ولأخيه الإمام علي (عليه السلام) توصية ذهبية في هذا المجال، يقول فيها (عليه السلام): " لا تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك وبينه، فإنه ليس لك بأخ من أضعت حقه " (2). وللأخ أيضا حق الإكرام، فمن أكرمه حصل على رضا الله تعالى، وينبغي قضاء حاجته وعدم تكليفه الطلب عند معرفتها، ويتوجب المسارعة إلى قضائها. فقضاء حقوق الإخوان أشرف أعمال المتقين.
وبلغ السمو السلوكي لأهل العصمة، في تقدير حق الأخوة، درجة بحيث أن الإمام الباقر (عليه السلام) سأل يوما أحد أصحابه - سعيد بن الحسن - قائلا: " أيجئ أحدكم إلى أخيه، فيدخل يده في كيسه، فيأخذ حاجته فلا يدفعه؟ " فقلت: ما أعرف ذلك فينا، فقال أبو جعفر (عليه السلام): " فلا شئ إذا "، قلت: فالهلاك إذا، فقال: " إن القوم لم يعطوا أحلامهم بعد " (3).
وقدم لنا أهل بيت العصمة مقاييس معنوية نحدد من خلالها مدى تعظيم الأشخاص لدين الله تعالى، ومدى قربهم وبعدهم عنه، ومن هذه المقاييس حق الأخوان، قال الإمام الصادق (عليه السلام): " من عظم دين الله عظم حق إخوانه، ومن استخف بدينه استخف بإخوانه " (4)، وعن الإمام العسكري (عليه السلام): " وأعرف الناس بحقوق إخوانه، وأشدهم قضاء لها،