حقوق المعلم والمتعلم معا بشئ من التفصيل وحثت على إكرام المعلم وتبجيله، لكونه مربي الأجيال.
تمعن في هذه السطور التي سطرها يراع زين العابدين (عليه السلام) في رسالة الحقوق، بعبارات تحمل معاني التقدير والعرفان بالجميل، فيقول: " حق سائسك بالعلم: التعظيم له، والتوقير لمجلسه، وحسن الاستماع إليه، والإقبال عليه، وأن لا ترفع عليه صوتك، ولا تجيب أحدا يسأله عن شئ حتى يكون هو الذي يجيب، ولا تحدث في مجلسه أحدا، ولا تغتاب عنده أحدا، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء، وأن تستر عيوبه، وتظهر مناقبه، ولا تجالس له عدوا، ولا تعادي له وليا، فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة الله بأنك قصدته وتعلمت علمه لله جل اسمه لا للناس " (1).
وانطلاقا من حرص الإسلام الدائم على انسياب حركة العلم، وعدم وضع العقبات أمام تقدمه وانتشاره، طلب من المعلم أن يضع نصب عينه حقوق المتعلم، فيسعى إلى ترصين علمه، واختيار أفضل السبل لإيصال مادته العلمية، ولا ينفر تلاميذه بسوء عشرته.
ومن المعلوم أن الأئمة (عليهم السلام) قد اضطلعوا بوظيفة التربية والتعليم وأعطوا القدوة الحسنة في هذا المجال، وخلفوا تراثا علميا يمثل هدى ونورا للأجيال. فمن حيث الكفاءة العلمية فهم أهل بيت العصمة، ومعادن العلم والحكمة، ومن حيث التعامل الأخلاقي فهم في القمة، بدليل أن الطلاب يقصدونهم من كل حدب وصوب، ويسكنون لهم كما يسكن الطير إلى عشه. وكان الإمام الصادق (عليه السلام) يشكل الأنموذج للمعلم