وعليه، فقد احتل هذا الحق مكانة مهمة في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، يبدو ذلك جليا لمن يطلع على الروايات الواردة في باب القصاص في المجاميع الحديثية، وسوف يجد نظرة أرحب وأعمق لهذا الحق، معتبرة أن كل تسبيب أو مباشرة في قتل نطفة، أو إزهاق نفس محترمة، أو إراقة الدماء، يعد انتهاكا لحق الإنسان في الحياة، ويستلزم ذلك عقوبة في الدنيا وعاقبة وخيمة يوم الجزاء.
ومن الشواهد النقلية الدالة على حرمة التسبيب في ذلك، ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: " إن الرجل ليأتي يوم القيامة ومعه قدر محجمة من دم، فيقول: والله ما قتلت ولا شركت في دم، فيقال:
بلى ذكرت عبدي فلانا، فترقى ذلك (1) حتى قتل، فأصابك من دمه " (2).
كما وردت روايات في حرمة الانتحار مفادها: أن المؤمن يبتلى بكل بلية ويموت بكل ميتة إلا أنه لا يقتل نفسه. ومن يقتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها.
وفي هذا الإطار هناك من أصيب بقصر النظر، أو بعمى في البصيرة، يطعن ويشكك في التزام شيعة أهل البيت (عليهم السلام) بمبدأ التقية، ويجهل أو يتجاهل الحكمة العميقة من وراء تبني هذا المبدأ والمتمثلة أساسا في الحيلولة دون إراقة الدماء. يقول المحقق الحلي: إذا أكرهه على القتل، فالقصاص على المباشر دون الآخر. وفي رواية علي بن رئاب، يحبس