فإنهم صنفان: إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق " (1).
إن غاية الإسلام الأساسية هي إقامة مجتمع سليم، مبني على أساس العدالة. ويتطلب هذا التوجه - بطبيعة الحال - الاهتمام برعاية الحقوق المتبادلة بين أفراد المجتمع.
والملاحظ أن القرآن الكريم في تعبيره عن أداء حق الغير أو حق الجماعة، تارة يعبر عنه بطلب الإحسان، كما في قوله تعالى: * (وأحسن كما أحسن الله إليك) * (القصص 28: 77)، وتارة أخرى يعبر عنه في صورة أمر آخر كقوله تعالى: * (وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا) * (الإسراء 17: 35)، وقد يعبر عن ذلك في صورة النهي كقوله تعالى: * (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون) * (البقرة 2: 188).
كل ذلك من أجل أن يسود العدل، وتصان حقوق الآخرين من المصادرة. وبذلك نجد القرآن الكريم قد عني بالجانب الاجتماعي من حياة الجماعة، عناية لا تقل عن عنايته بصلة الفرد بربه، ولا يصور الفرد المسلم إنسانا منعزلا في خلوة، أو راهبا في صومعة، بل يصوره دائما في جماعة تترتب عليهم حقوق متبادلة.
وجاء في رسالة الحقوق، المروية عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) - والتي يمكن اعتبارها نموذجا فذا في هذا الشأن - ما يكشف لنا بجلاء عن نظرة الإسلام الشمولية للحقوق التي لا تقتصر على بيان حقوق الإنسان، بل