التوحيد والشرك في القرآن - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٩٢
إن عبارة: " الشعور بالسلطان الإلهي " حاكية عن أن الفرد العابد حيث إنه يعتقد بإلوهية المعبود، لذلك يكون عمله عبادة وما لم يتوفر مثل هذا الاعتقاد في عمله لا يتصف بالعبادة.
2 - وقد جاء شيخ الأزهر الأسبق الشيخ محمود شلتوت بتعريف يتحد مع ما ذكره المنار معنى ويختلف معه لفظا فقال:
" العبادة خضوع لا يحد لعظمة لا تحد " (1).
فالتعريفان متحدان نقدا وإشكالا فليلاحظ وإن كان تفسير المنار يختص بإشكال آخر حيث إنه يقول: " العبادة ناشئة عن استشعار القلب عظمة لا يعرف منشؤها " في حين أن العابد يعلم أن علة العظمة هي: السلطة الإلهية، التي هي إلوهية المعبود والإحساس بالحاجة الشديدة إليه، وأن بيده مصير العابد، وغير ذلك من الدوافع، فكيف لا يعرف منشؤها؟ (2).
3 - وأكثر التعاريف عرضة للإشكال هو تعريف ابن تيمية إذ قال:
" العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنية والظاهرية كالصلاة، والزكاة والصيام، والحج، وصدق الحديث، وأداء الأمانة وبر الوالدين، وصلة الأرحام " (3).
وهذا الكاتب لم يفرق - في الحقيقة - بين العبادة، وبين التقرب، وتصور أن كل عمل يوجب القربى إلى الله فهو عبادة له تعالى أيضا، في حين أن الأمر ليس كذلك، فهناك أمور توجب رضا الله، وتستوجب ثوابه قد تكون عبادة كالصوم والصلاة والحج، وقد تكون موجبة للقربى إليه دون أن تعد عبادة كالإحسان إلى

(١) تفسير القرآن الكريم: ٣٧.
(2) آلاء الرحمان: 59.
(3) مجلة البحوث الإسلامية العدد: 2 / 187، نقلا عن كتاب " العبودية ": 38.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»