4): الاستعانة بالأولياء:
فهل هو يوافق التوحيد أم يوافق الشرك؟ إن الإجابة على ذلك تتضح بعد عرض الاستعانة هذه على الميزان الذي أعطاه القرآن لنا، فلو استعان أحد بولي - حيا كان أو ميتا - على شئ موافق لما جرت عليه العادة أو مخالف للعادة كقلب العصا ثعبانا، والميت حيا، باعتقاد أن المستعان إله، أو رب، أو مفوض إليه بعض مراتب التدبير والربوبية فذلك شرك دون جدال.
وأما إذا طلب منه كل ذلك أو بعضه بما أنه عبد لا يقدر على شئ إلا بما أقدره الله عليه، وأعطاه، وأنه لا يفعل ما يفعل إلا بإذن الله تعالى، وإرادته، فالاستعانة به وطلب العون منه حينئذ من صلب التوحيد، من غير فرق بين أن يكون الولي المستعان به حيا أو ميتا، وأن يكون العمل المطلوب منه عملا عاديا أو خارقا للعادة.
وأما أن المستعان قادر على الإعانة أو لا، أو أن هذه الإعانة مجدية أم لا، وأن هذه الاستعانة محللة أو محرمة، من جهات أخرى أم لا؟ فكل ذلك خارج عن إطار هذا البحث.
5): طلب الشفاء والإشفاء من أولياء الله:
هل ذلك يوافق أصل التوحيد أو لا؟ فلو طلب أحد الشفاء من ولي من أولياء الله معتقدا بأن الشفاء بيد الله سبحانه فهو الشافي حقيقة غير أنه شاء أن يجري فيضه ويوصله إلى عباده عن طريق الأسباب الطبيعية وغير الطبيعية فهذا الطلب يوافق التوحيد ويتلاءم معه، ولا ينافيه، لأنه يرى أن المسؤول لا يفعل إلا بأمر الله ولا يصدر إلا عن إرادته.