التوحيد والشرك في القرآن - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٣٧
(فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله) (آل عمران - 135).
ولقد كان فريق من وثنيي عصر الرسالة يعبدون الأصنام التي كانوا يتصورون أنها من ذوي النفوذ عند الله، أنها أنيطت بهم أمور الشفاعة والمغفرة.
وسوف نتحدث في البحوث القادمة حول هذا النوع من الشرك الذي هو أضعف أنواعه. وإذا تبينت هذه الدوافع واتضحت لنا كيفية انتقاد القرآن الكريم لها يلزم أن نلتفت إلى ما يذكره أغلب كتاب الوهابيين ومؤلفيهم في كتبهم.
5 - تفسير التوحيد الألوهي والربوبي:
لم يزل مؤلفوا الوهابية يعترفون بنوعين من التوحيد ويسمون النوع الأول من التوحيد ب‍ " التوحيد الربوبي " ويسمون النوع الآخر ب‍ " التوحيد الألوهي " ثم يذكرون أن التوحيد الربوبي، والاعتقاد بوحدانية الخالق لا يكفي بمجرده في التوحيد الذي بعث الأنبياء والرسول الأعظم خاصة من أجل إقراره ونشره في المجتمع الإنساني، بل يجب - علاوة على التوحيد الربوبي - أن يفرد الله بالعبادة ولا يشرك به أحد، لأن مشركي العرب مع أنهم كانوا يوحدون خالق الكون ويعتقدون بأنه واحد لا أكثر فإن القرآن كان يعتبرهم مشركين إذ يقول:
(وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) (يوسف - 106) (1).

(١) " فتح المجيد " تأليف الشيخ عبد الرحمان بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب المتوفى عام (١٢٨٥ ه‍): ص ١٢ و ٢٠ وهذا يدرس الآن في المناهج الدراسية عندهم، ويؤكدون على هذين النوعين من التوحيد ثم يتهمون المسلمين بأنهم موحدون ربوبيا لا ألوهيا.
وقد عرفت في ما مضى أن تسمية التوحيد في الخالقية بالتوحيد الربوبي، وتسمية التوحيد في العبادة بالتوحيد الألوهي خطأ من حيث اللغة ومصطلح القرآن.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»