التوحيد والشرك في القرآن - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٣٢
وإن كانت عقيدة الزرادشتيين - الواقعة في شأن هذين الإلهين الأخيرين تكتنفها حالة من الإبهام والغموض.
وعلى كل حال فإن الاعتقاد بتعدد الذات الإلهية كان أحد الدوافع وراء عبادة غير الله، والسبب للشرك في العبادة، وقد أبطل القرآن الكريم بالبراهين العديدة الواضحة أساس مثل هذا الاعتقاد.
ب) تصور ابتعاد الخالق عن المخلوق:
وقد كان الدافع الثاني لعبادة الله هو تصور ابتعاد الله عن المخلوق، بمعنى أنهم كانوا يظنون أن الله بعيد عن المخلوقين لا يسمعهم ولا تبلغه أدعيتهم وطلباتهم.
ولذلك اختاروا وسائل ظنوا أنها تتكفل إيصال أدعيتهم إليه، وكأن المقام الربوبي كالمقامات البشرية لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق الوسائط، ومن أجل هذا راحوا يعبدون القديسين والملائكة والجن والأرواح لتوصل دعواتهم إلى المقام الربوبي.
ولقد أبطل القرآن الكريم هذه التصورات ببيانات متنوعة ومتعددة يقول فيها: بأن الله أقرب من كل قريب.
وأنه تعالى يسمع سرهم ونجواهم وعلانيتهم.
وأنه تعالى محيط بما يسرون ويعلنون.
ولذلك فلا حاجة إلى اتخاذ تلك الآلهة المصطنعة، ولا حاجة إلى عبادتها، إذ لو كان الهدف من عبادتها هو توسطهم لإيصال مطالبهم إلى الله فالله يعلم بها جميعا وهو الذي لا يعزب عنه شئ.
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»