التوحيد والشرك في القرآن - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٦
ولا نشرك به شيئا) (آل عمران - 64).
وإذا أردت أن تعرف كيف بين القرآن الكريم (الشرك) في العبادة أو جميع أقسامه وصور المشرك في فقده ما يعتمد عليه في حياته فتدبر في الآية التالية إذ يقول تعالى:
(ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق)!! (الحج - 31).
ولا يستطيع أي تشبيه على ترسيم بطلان الشرك وضياع المشرك وخيبته وحيرته بأوضح مما رسمته هذه الآية الكريمة.
2 - منشأ الشرك والوثنية:
من العسير جدا إبداء الرأي في جذور الوثنية ومنشأ هذا الانحراف العقيدي ونموه بين البشر، خاصة أن موضوع الوثنية لم يكن عند قوم أو قومين، ولا في شكل أو شكلين، ولا في منطقة أو منطقتين ليتيسر للباحث إبداء نظر قطعي فيه وفي نشوئه.
فالوثنية عند " عرب الجاهلية " مثلا تختلف عما عليها عند " البراهمة " وهي عند " البوذيين " تختلف عما هي عليها عند " الهندوس " فاعتقادات هذه الطوائف والشعوب مختلفة في موضوع الشرك بحيث يعسر تصور قدر مشترك بينها (1).
أما العرب البائدة مثل عاد وثمود أمم هود وصالح، ومثل سكنة مدين

(١) شرحت دوائر المعارف، وبخاصة دائرة معارف البستاني معتقدات هذه الشعوب الآسيوية التي تعيش في رقعة كبيرة في آسيا.
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 23 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»