التوحيد والشرك في القرآن - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٠٩
- 1 - هل الاعتقاد بالسلطة الغيبية لغير الله معيار التوحيد والشرك؟
لا شك في أن طلب الحاجة من أحد - بصورة جدية - إنما يصح إذا اعتقد طالب الحاجة بأنه قادر على إنجاز حاجته. وهذه القدرة قد تكون قدرة ظاهرية ومادية، كأن نطلب من أحد أن يسقينا ماء، ويجعله تحت تصرفنا. وقد تكون القدرة قدرة غيبية، خارجة عن نطاق المجاري الطبيعية والقوانين المادية، كأن يعتقد أحد بأن الإمام عليا - عليه السلام - قلع باب " خيبر " بالقدرة الغيبية، كما جاء في الحديث.
أو أن المسيح - عليه السلام - كان يقدر، بقدرة غيبية على منح الشفاء لمن استعصى علاجه، دون دواء، أو إجراء عملية جراحية.
والاعتقاد بمثل هذه القدرة الغيبية إن كان ينطوي على الاعتقاد بأنها مستندة إلى الإذن الإلهي وإلى القدرة المكتسبة منه سبحانه، فهي حينئذ لا تختلف عن القدرة المادية الظاهرية، بل هي كالقدرة المادية التي لا يستلزم الاعتقاد بها الشرك، لأنه سبحانه الذي أعطى القدرة المادية لذلك الفرد، هو أيضا أعطى القدرة الغيبية لآخر، دون أن يعد المخلوق خالقا، وأن يتصور استغناء أحد عن الله.
فلو قام أحد بمعالجة المرضى عن طريق السلطة الغيبية، فقد قام بأمر الله،
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 107 109 110 111 112 113 114 ... » »»