التحقيق في الإمامة و شؤونها - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٦٦
بربك قل لي: أي مسلم ذكي أو غبي لا يفهم معنى العصمة من تلك الأحاديث وغيرها وهي كثيرة، على ان الموافق والمخالف قد أجمعا معا على أن الأئمة من أهل البيت (ع) كانوا على هدي جدهم الرسول (ص) قولا وعملا، وان الناس كانوا يلجأون إليهم في حل المشكلات والمعضلات، وكانوا يتقربون إلى الله سبحانه بتعظيمهم وتقديسهم، بل حتى أعداؤهم وغاصبي حقوقهم ما كان يسعهم إلا التظاهر بتعظيم الأئمة وتقديسهم والخضوع أمام الناس لهم تماما كما كانت الحال بالنسبة إلى رسول الله (ص) في تعظيم حاله عند صديقه وعدوه.
تساؤل مهم وبودنا أن نسأل الذين أنكروا على الشيعة القول في العصمة؟: هل تنكرون أصل العصمة وفكرتها من الأساس؟ أو تنكرون عصمة الأئمة فقط؟ والأول إنكار لعصمة الأنبياء، والرسل التي اتفق عليها المسلمون الشيعة والسنة في الجملة، والثاني إنكار لسنة الرسول الذي ساوى بين عترته وبين القرآن، هذا بالإضافة إلى أن نصوص الشريعة جامدة لا حراك فيها، وإنما تحيى بتطبيقها والعمل بها، وإذا لم يكن القائم على الشريعة هو نفس الشريعة مجسمة في شخصه لم يتحقق الغرض المقصود من تطبيقها على سائر الناس، لذلك قال الإمام (ع): ذاك القرآن الصامت وأنا القرآن الناطق (1).

(1) راجع كتاب (الشيعة والتشيع) لمحمد جواد مغنية ص 40.
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»