التحقيق في الإمامة و شؤونها - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٢٣٢
الطريق السادس من ينابيع علم الأئمة (ع) تفسير القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين (ع) بأمر النبي بعد وفاته (ص) السادس مما ورثه الأئمة من النبي (ص) تفسير القرآن المجيد الذي ألفه الإمام علي (ع) بأمر النبي بعد وفاته (ص) مباشرة، وهو (ع) أول من جمع القرآن وفسره حسب النصوص الواردة من طرق عديدة.
قال السيد عبد الحسين شرف الدين في كتابيه (المراجعات) و (مؤلفوا الشيعة في صدر الإسلام): وأول شيء دونه أمير المؤمنين (ع) كتاب الله عز وجل، فإنه (ع) بعد فراغه من تجهيز النبي (ص) آلى على نفسه ان لا يرتدي إلا للصلاة أو يجمع القرآن فجمعه مرتبا على حسب النزول (1).

(١) القرآن الذي جمعه أمير المؤمنين ~ وألفه هو هذا المجموع بين الدفتين، والموجود بين الناس من سورة الفاتحة إلى سورة الناس بلا زيادة ولا نقيصة، ولا تغيير ولا تبديل، وهو الحجة الباقية على الناس أجمعين، وبه يحتج الله تعالى يوم القيامة على العباد، وهو الحجة البالغة، قال تعالى: " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " [الحجر / ٩]، نعم وهذا القرآن الموجود بيننا - بالإجماع - لم يرتب على حسب نزوله كما هو معلوم لدى القاصي والداني، والذي جمعه كما هو موجود الآن هو النبي (ص) مع جبرئيل ~ كما ورد: ان جبرئيل كان يعارض النبي (ص) بالقرآن كل عام مرة، وانه عارضه به عام وفاته مرتين، أي كان يدارسه جميع ما نزل من القرآن، من المعارضة - وهي المقابلة، ومنه: عارضت الكتاب أي قابلته (راجع مجمع البحرين ص ٣٣٠ كتاب الضاد، باب ما أوله العين، وراجع - فيمن جمع = = القرآن، وفي صيانة من التحريف، بصورة مفصلة - البيان في تفسير القرآن، لآية الله السيد الخوئي (ره) من ص ١٣٦ - ص ١٨١، وكتاب (سلامة القرآن الكريم من التحريف)، لفضيلة العلامة الشيخ باقر القريشي).
ولا يخفى ان هذا الجمع - بهذا النظام - يقصر عنه جميع الناس، ولا يستطيعه أحد منهم ولا كلهم، لأنه فعل الله، وبأمر الله، وكما أن الله ليس كمثله شيء، فكذلك فعل الله ليس كفعل خلقه.
ومن هنا نرى ان القرآن - من أوله إلى آخره - مرتبط بعضه ببعض، في آياته وسوره كلها، ويبين ذلك الارتباط الكثير من المفسرين المحققين كما هو معلوم لدارسي تفسير القرآن، ومزاولي علومه، ولو جمع على حسب نزوله - للقراءة - لكان غير مرتبط بعضه ببعض، ذلك لاختلاف الموارد التي تنزل فيها آياته فتدبر.
أما أمير المؤمنين ~ فقد جمعه - بأمر النبي (ص) - جمعا مرتبا على حسب نزوله لتفسيره، وتحقيق معارفه كلها، وهو ~ أعلم - بعد النبي (ص) بها كما هو معلوم، والحمد لله.
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»