الكتب - التي سنذكرها فيما يلي - كلها تعتبر كجسم، وعلمهم الإلهامي روح لها.
فلولا هذا العلم الإلهامي من الله عز وجل لهم لما استطاعوا ان يتفوقوا على جميع ما أودع في تلك الكتب من حقائق وعلوم ومعارف.
فهم (ع) إنما يستمدون علومهم كلها - بجهد - من هذه المعروضات عليهم بواسطة الإلهام، لا أنهم يستمدون علمهم مما عند الناس الآخرين، حيث ان الله جل وعلا قد أغناهم بهذه العلوم عما عند الناس من علم.
وقد اعترف بهذه الحقيقة وعرفها جيدا المأمون بن الرشيد العباسي بقوله لبني العباس لما أراد أن يزوج الإمام الجواد (ع) بابنته - لأغراض سياسية - ومنعه العباسيون من ذلك، قال لهم: ويحكم ان أهل هذا البيت علمهم من الله، ومواده، وإلهامه، لم تزل آباؤه أغنياء في علم الدين والأدب عن الرعايا الناقصة عن حد الكمال... الخ (1).
بل قد اعترف بهذه الحقيقة لأئمة الهدى حتى يزيد بن معاوية بقوله لما طلب زين العابدين (ع) منه ان يخطب وأبى أن يأذن له، قال له أصحابه إئذن له يا أمير، قال: انه ان صعد لم ينزل إلا بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان، فقالوا له: وما قدر ما يحسن هذا؟ قال: انه من أهل بيت زقوا العلم زقا، أي زقوا العلم من الله بواسطة رسوله (ص) ويشير بذلك إلى قول علي (ع) في بعض خطبه: هذا سفط العلم هذا لعاب رسول