التحقيق في الإمامة و شؤونها - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٢٢٣
علوم القرآن المجيد الذي فيه تبيان كل شيء، وما مر من الدلائل الواضحة القطعية على ذلك فحينئذ - بهذا التدبر - يزول ذلك التوهم، وهذا الشك، لأن تلك العلوم من تلكم الطرق هي الأهم والأعظم من إيراثهم علوم الأنبياء وكتبهم.
ويؤيد ذلك ما ورد في بعض أحاديثهم (ع) عن ضريس الكناسي قال: كنت عند أبي عبد الله (ع) وعنده أبو بصير فقال أبو عبد الله: ان داود ورث علم الأنبياء وان سليمان ورث داود، وان محمدا ورث سليمان، وإنا ورثنا محمدا (ص) وان عندنا صحف إبراهيم وألواح موسى، فقال أبو بصير: (ويقال له أبو محمد أيضا): ان هذا لهو العلم، فقال الإمام (ع):
يا أبا محمد ليس هذا هو العلم، إنما العلم ما يحدث بالليل والنهار يوما بيوم، وساعة بساعة (1)، قول الإمام الصادق (ع) في هذا الحديث: {ليس هذا هو العلم، إنما العلم ما يحدث بالليل والنهار يوما بيوم، وساعة بساعة} نفيه (ع) في هذا الحديث العلم الموروث من الأنبياء وكتبهم بقوله {ليس هذا هو العلم} إنما يريد به النسبة.
أي نسبة هذا العلم إلى العلم الذي يفيضه الله سبحانه من عنده على قلب المؤمن آنا بعد آن، كأنه ليس بعلم، لأن ذلك العلم الموروث من الأنبياء وكتبهم مادي وتقليدي، قد يحصل من طرق السماع وقراءة الكتب أو حفظها، وقد تقع كتبهم بيد من لا يعرف تنزيلها وتأويلها

(١) (الشافي) ج ٣ ص ١٧١، و (بصائر الدرجات) ج 3 ص 135 من طريقين.
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»