قوله (ع) في هذا الحديث الشريف: يمصون الثماد، ويدعون النهر، المص هو الشرب بالجذب كما يجذب الرضيع اللبن من ثدي أمه ويمصه، والثماد جمع، مفرده الثمد، وهو الماء القليل المتجمع في الأرض والوحل، وأراد (ع) بهذا المثل أن يبين لنا ان الذي يأخذ العلم من غير طريق علي والأئمة مثله كمن يمص الماء القليل المخلوط بالطين، والذي ليس له مادة متصلة من ينبوع جار، ويعني بذلك ان هذا العلم المأخوذ من غير طريقهم (ع) كله مخلوط بالشبه والشكوك وغير معلوم اتصاله بالمنبع الأصيل، كما الثماد المخلوط بالطين والوحل، ومثل من يأخذ العلم من طريق أهل البيت (ع) كمثل من يشرب الماء ويأخذه من النهر العظيم الجاري الذي لا ينقطع فحينئذ يكون علمه متصلا بالعلم الذي أخذه رسول الله (ص) عن الله عز وجل من طريق الوحي والإلهام، والذي جمع الله له علوم النبيين كلهم، وأخيرا أودعه كله عند علي أمير المؤمنين والأئمة من أبنائه (ع).
وإلى هذه الحقيقة يشير النبي (ص) بأحاديث كثيرة وشهيرة من طرق عديدة، مثل قوله (ص):
{أنا مدينة العلم وعلي بابها... الخ} (1).
وقوله (ص): {علي والأئمة من بعده أبواب العلم في أمتي} (2).
وقوله (ص) من جملة حديث: {علي وارث علم النبيين} (3).