التحقيق في الإمامة و شؤونها - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٢١٥
على وجهه فجاء به كما سمعه لم يزد فيه ولم ينقص، وحفظ الناسخ من المنسوخ فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ، وان أمر رسول الله (ص) ونهيه مثل القرآن ناسخ ومنسوخ، وعام وخاص، ومحكم ومتشابه، وقد كان يكون من رسول الله (ص) الكلام له وجهان كلام خاص، وكلام عام مثل القرآن يسمعه من لا يعرف ما عنى الله به، وما عنى به رسول الله (ص).
وليس كل أصحاب رسول الله (ص) كان يسأله فيفهم، وكان منهم من يسأله ولا يستفهم، حتى ان كانوا يحبون ان يجئ الطارئ، والأعرابي فيسأل رسول الله (ص) حتى يسمعوا منه، وكنت أدخل على رسول الله (ص) كل يوم دخلة، وكل ليلة دخلة، فيخليني فيها أدور معه حيث دار، وقد علم أصحاب رسول الله (ص) انه لم يكن يصنع ذلك بأحد غيري، وربما كان ذلك في منزلي فإذا دخلت عليه في بعض منازله خلا بي وأقام نساءه فلم يبق غيري وغيره، وإذا أتاني للخلوة في بيتي لم يقم من عندنا لا فاطمة ولا أحدا من ابني، وإذا سألته أجابني، وإذا سكت أو نفذت مسائلي ابتدأني، فما نزلت عليه آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي، ودعا الله أن يفهمني إياها ويحفظني، فما نسيت آية من كتاب الله منذ حفظتها وعلمني تأويلها وأملاه علي فكتبته، وما ترك شيئا علمه الله من حلال وحرام، أو أمر ونهي، أو طاعة ومعصية، ما كان أو يكون إلى يوم القيامة إلا وقد علمنيه وحفظته ولم أنس منه حرفا واحدا، ثم وضع يده على صدري ودعا الله أن يملأ قلبي علما، وفهما وحكما ونورا، وأن يعلمني فلا أجهل، وأن يحفظني فلا أنسى، فقلت له
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»