وقد اعترف بذلك المأمون العباسي كما جاء فيما رواه علماء التاريخ من أهل الشيعة والسنة، إن المأمون لما أراد أن يزوج ابنته أم الفضل أبا جعفر الجواد بلغ ذلك العباسيين فشق عليهم، واستنكروه منه، وخافوا أن ينتهي الأمر معه إلى ما انتهى مع الرضا (ع) فخاضوا في ذلك.
ثم اجتمع معه أهل بيته الأدنون فقالوا له: ننشدك الله يا أمير المؤمنين إلا ما رجعت عن هذه النية من تزويج ابن الرضا، فإنا نخاف ان يخرج به أمر قد ملكناه الله وينزع منا عزا قد ألبسناه الله، وقد عرفت ما بيننا وبين هؤلاء القوم قديما وحديثا، وما كان عليه الخلفاء قبلك من تبعيدهم والتصغير بهم، وقد كنا في وهلة " أي فزعة " من عملك مع الرضا وكفانا الله المهم من ذلك فالله الله ان تردنا إلى غم قد انحسر عنا، وأصرف رأيك عن ابن الرضا، وأعدل إلى من تراه من أهل بيتك يصلح لذلك.
فقال لهم المأمون: أما ما كان بينكم وبين آل أبي طالب فأنتم السبب فيه، ولو أنصفتم القوم لكانوا أولى منكم، وأما ما كان يفعله من كان قبلي بهم فقد كان قاطعا للرحم، وأعوذ بالله من ذلك، والله ما ندمت على ما كان مني من استخلاف الرضا (ع) ولقد سألته ان يقوم بالأمر وانزعه من نفسي فأبى، وكان أمر الله قدرا مقدورا.
وأما أبو جعفر فقد اخترته لتبريزه " أي تفوقه " على أهل الفضل كافة في العلم والفضل، مع صغر سنه، والأعجوبة فيه بذلك، وأنا أرجو أن يظهر للناس ما قد عرفته منه، فيعلموا ان الرأي ما رأيت فيه،