البراهين الجلية - السيد محمد حسن القزويني الحائري - الصفحة ٤٥
يسألونه في حياته، وأما بعد موته فحاشا وكلا، إنهم سألوه ذلك عند قبره، بل أنكر السلف على من قصد دعاء الله عند فكيف دعاء نفسه؟
فإنه يرد عليه أما أولا فلأن السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان لم ينكروا التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله حال حياته ولا بعد وفاته، بل كانوا يتوسلون به من قبل وجوده، وعليه مذهب المسلمين كافة ما عدا الطائفة الوهابية الذين عبروا عنه بالشرك الأكبر، وأباحوا لأجله دماء المسلمين وأموالهم على خلاف الكتاب والسنة وما عليه الصحابة. وذلك لما رواه البيهقي وابن أبي شيبة بإسناد صحيح - كما قاله أحمد بن زيني دحلان في خلاصة الكلام - من أن الناس أصابهم قحط في خلافة عمر، فجاء بلال بن الحرث إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم هلكوا، فأتاه رسول الله في المنام فأخبره أنهم يسقون.
وليس الاستدلال من حيث الرؤيا، إذ لا يثبت بها الحكم شرعا. وإنما الاستدلال بفعل بلال الذي من الأصحاب، فإتيانه لقبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وندائه وطلبه الاستسقاء لأقوى دليل على أن ذلك أمر جائز وليس من الشرك.
وفيها أيضا رواية الطبراني والبيهقي: أن رجلا كان يختلف إلى عثمان في زمن خلافته في حاجة، فكان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فشكى ذلك لعثمان بن حنيف فقال له: ائت الميضاة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة يا محمد، إني أتوجه بك إلى ربك لتقضي حاجتي وتذكر حاجتك، فانطلق الرجل فصنع ذلك
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»