البراهين الجلية - السيد محمد حسن القزويني الحائري - الصفحة ٤٢
قال ابن تيمية: إن قوله تعالى: ومن اتبعك معطوف على الكاف في حسبك، والمعنى حسبك الله وحسب من اتبعك.
أقول: هذا خلاف لظاهر الآية ومناقض للصناعة النحوية، للزوم العطف على الضمير المجرور بلا إعادة الجار - أعني المضاف وهو لفظ حسب - فمقتضى ظاهر الآية كون النبي مستمدا من الله ومن المؤمنين، كاستمداد عيسى عليه السلام بالحواريين حيث قال: من أنصاري إلى الله، وكاستمداد موسى بأخيه هارون حتى نزل في حقه: (شنشد عضدك بأخيك)، وقال لوط عليه السلام لو كان لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد. وقال سبحانه: إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث - أي قويناهما بثالث.
استنصار الله والأنبياء بالمخلوقين ومع هذه الآيات البينات كيف تنكر الوهابية جواز الاستمداد بالمخلوق والحال إن الله تعالى - مع قوته القاهرة - استنصر عبادة بقوله عز شأنه. إن تنصروا الله ينصركم. وقوله تعالى: والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنين وثانيها ما عن بعض علماء الهند من أن الاستعانة بالمخلوق ينافي الحصر المستفاد من قوله تعالى: إياك نعبد وإياك نستعين.
والجواب عنه أولا: أن المقصود من الآية الاستعانة بالله في العبادة والهداية، بقرينة قوله: (إياك نعبد) وقوله: (اهدنا الصراط المستقيم) فكأن المصلي يقول:
يا رب أتيت بالعبادة وبك أستعين في إتمامها.
فإن قلت: الظاهر العموم، وأن المعنى أستعين بك يا رب في جميع أموري ولا أستعين بغيرك.
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»