فإن الدعاء لا يتمحض في العبادة إلا لأجل الأمور المزبورة التي لا تجري في الاستشفاع والتوسل والاستغاثة بالنبي والأئمة، فليس لها في قلوب المؤمنين تأثير سوى أنه ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن له الأهلية تزول عنهم غائلة المحنة والشدة في الدنيا والآخرة.
المنع في أن دعاء غير الله عبادة وثالثها قول الوهابية: أن الدعاء مخ العبادة، والعبادة لا تجوز لغير الله تعالى لأنها شرك.
والجواب عنه: المنع عن أن مطلق الدعاء عبادة، فضلا عن أن يكون روح عبادة، وإنما الدعاء من الدعوة ومنها قوله تعالى: ندع أبناءنا وقوله تعالى: ثم أدعهن يأتينك سعيا وقوله سبحانه: ولا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا وقوله تعالى: استجيبوا لله ورسول إذا دعاكم لما يحييكم.
فإن المراد من الدعاء فيها النداء، وليس كل نداء دعاء وكل دعاء عبادة، بل ولا دعاء الله لمحض ندائه ومجرد خطابه، وإنما يكون عبادة إذا اشتمل على ما اشتملت عليه العبادة من الخضوع والإقرار بالإلهية للمعبود، وأين هذا من دعاء النبي والأئمة والاستغاثة بهم نظرا إلى أنهم مأذونين في الشفاعة ولهم القرب والمنزلة والدعوة المستجابة عند السلطان كالمقربين؟.
وقد أسمعناك ما في حديث بلال ورواية ابن حنيف ودعاء الضرير من القول: يا محمد إني أتوجه إليك.