عبادتهم؟ بل ولم يقف أمامهم إلا بغرض الاستشفاع الذي نطق به الكتاب والسنة.
إن الأمور بإرادته ورضاه ثم إن للوهابية حججا غير وافية بمقصودهم من حرمة الاستشفاع والتوسل والاستعانة.
(أحدهما) قوله تعالى: إن الأمر كله لله.
وفيه نظر واضح، فإن الأمر - وإن كان كله لله تعالى - فلا يكون إلا بإرادته ورضاه، إلا أنه لا ينافي ثبوت الشفاعة الحسنة للأنبياء والأولياء في الدنيا والآخرة بعد الإذن من خالق البرية، كما أنه لا ينافي ثبوت الخلق وإحياء الموتى وشفاء المرضى لعيسى عليه السلام بعد الإذن من خالق السماء فالموحدون طرا على أنه لا حول ولا قوة إلا بالله، وأنه ما من شئ إلا عنده خزائنه وما ينزله إلا بقدر معلوم.
لكنه تعالى مع ذلك جعل لكل شئ سببا، وأبى أن يجري الأمور إلا بأسبابها المتعارفة، ولولاه لما قال موسى عليه السلام: هذه عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى أو يقول لأهله: امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم بقبس أو أجد على النار هدى.
فالأنبياء مع أنهم معصومون استعانوا بغير الله تعالى، حتى نزل في حق محمد صلى الله عليه وآله وسلم: يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين.