والذي فعله بغير قصد من العمل الجائز تكراره عمدا من موسى (وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه)، فهل تعتبر إلقاء الألواح التي فيها التوراة على الأرض عملا جائزا من باب خلاف الأولى؟
(9) تقول يا تلميذ: (ثالثا: ما أعجب قولك وأغربه: (لأننا نقول بعصمة الأنبياء بما ينتهي إليه أمرهم وعملهم والعبرة بالخواتيم)! وقولك:
(وإنما تتحقق عصمته عندنا بآخر الأمرين)! أتعرف ما معنى قولك هذا؟
أي أنك لا تقول بعصمة أحد من الأنبياء إلا إذا ثبت عندك أن خاتمة أمره إلى خير).
وأقول لك: من أين لك كل هذا الفهم؟ فكلامي يوضح بعضه بعضا، وأنت إذا تأملته بكامله لزال سوء اللبس عندك، فكلامي كان (الثاني: أن هذا الوعد الذي قطعه موسى عليه الصلاة والسلام على نفسه وإن استثنى فيه فلا حجة لكم علينا في المعاودة لأننا نقول بعصمة الأنبياء بما ينتهي إليه أمرهم وعملهم والعبرة بالخواتيم. فنحن نقول إن موسى عليه الصلاة والسلام إن تكرر منه الأمر في المرة الأولى ثم تاب منه وقطع على نفسه عهدا بذلك فهو ليس بمعصوم عن الوقوع في نفس الخطأ مرة أخرى ثم التوبة منه بعد ذلك، وإنما تتحقق عصمته عندنا بآخر الأمرين منه صلى الله عليه وسلم وإن تكرر منه الفعل مرة أو اثنتين طالما أنه في الأخير لا يعود إلى هذا العمل بعد ذلك).
والعبارة الأخيرة توضح ما أقصده من كلامي (طالما أنه في الأخير لا يعود إلى هذا العمل بعد ذلك)، فلماذا تجاهلتها يا تلميذ؟
وهي التي توضح كل الكلام السابق؟ ولماذا تحمل كلامي على ما لا يحتمل؟