ظهيرا تعني ناصرا، وموسى عليه الصلاة والسلام ذكر هذا الكلام في معرض كلامه بعد مناصرته للمجرم الإسرائيلي فهو إنما ناصر الإسرائيلي ولم يناصر القبطي، وهذا الإسرائيلي غوي مبين بشهادة موسى، وهو الذي نشر خبر القتل، بل من الأقوال المذكورة فيه أنه هو السامري).
أقول: أولا: من ذكر أن هذا الإسرائيلي هو السامري؟ وما مدى صحة هذا القول؟ وما هو مصدره؟ الرجاء التفضل والتكرم علينا بذكر القائل ومصدر قوله مع الإشارة إلى ما يؤيد هذا القول من النصوص الصحيحة.
ثانيا: كلامك أن موسى عليه السلام قال هذا الكلام: (رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين) عقيب حادثة النصرة وقتل القبطي أنه دليل على أنه يشير إلى أن الإسرائيلي كان مجرما، لا دلالة فيه على ما أشرت إليه، فهو قول مطلق يحتاج إلى وجود دليل آخر يدل على ذلك، والآيات القرآنية ليس فيها هذا الدليل فهل عندك دليل آخر على ذلك؟
ثالثا: لقد ذكرت لك سابقا أن وصف موسى عليه السلام للإسرائيلي بأنه غوي مبين، لا دلالة فيه على أنه كان مجرما لأن كلمة (الغي) تستعمل في معاني مختلفة، تارة في خلاف الرشد وأخرى في فساد الشئ. قال ابن فارس:
(فالأول الغي وهو خلاف الرشد والجهل بالأمر والانهماك في الباطل، يقال:
غوى يغوي غيا... الخ)، ووصف موسى عليه السلام له بذلك لعله يريد منه - والله العالم - أنك غير رشيد لدخولك في أكثر من خصام ونزاع مع الآخرين من أمثال هؤلاء القبطيين وكان ينبغي لك أن تتجنب الدخول معهم في الخصام والنزاع حتى وإن هم حاولوا منك مخاصمتك ونزاعك والاقتتال معك أو يريد منه معنى آخر من معاني هذه الكلمة.