الامامة ذلك الثابت الإسلامى المقدس - الشيخ جلال الصغير - الصفحة ٩٤
معصوما، وهذه الأمور الثالثة تتطلب ممن يهب العصمة والعلم والشهادة أن ينص على من وهب له هذا الأمر، فتأمل!.
ولو أخذنا الآية الشريفة: ﴿إنما أنت منذر ولكل قوم هاد﴾ (1) فهي الأخرى تدلنا على ما نحن بصدده، فالامتداد هنا واضح، ولكن طبيعة الهداية التي تنسجم مع أن تكون حجة الله بالغة بصورة لا تجمل لعباده أي مجال للتذرع، فتفترض أن يكون الهادي مشخصا من قبل نفس جهة الهداية ربا كان أو رسولا بمعنى أن يكون هناك نص عليه وأن يكون هاديا يقي بأن يكون مطاعا، من قبل نفس الجهة التي أمرت بطاعة الرسول لإنذاره، وحيث أن الأمر بالطاعة يستلزم أن يكون المطاع مستحقا لها، فلا بل عندئذ من أن يكون معصوما، (2) وهذا ما يرجعنا إلى ما

١ - الرعد: ٧.
٢ - وهذا يظهر مدى التهافت الذي وقع فيه فضل الله حينما حاول جعل الآية عامة لا تخص أهل البيت (عليهم السلام) وهداهم، كما أشار إلى ذلك في كتابه من وحي القرآن ١: ١٦،، ١٣: ٢٣. الطبعة الجديدة. فالهادي الرباني ضمن هذه المواصفات يحتاج إلى علمت خاص من قبل الله لكل ما يتعلق بعملية الهداية، وحينما يكون له مثل هذا العم، لا بد أن أن يكون معصوما، لأن هذا العم ليس كغيره من العلوم الكسبية التي يمكن أن تكون عالما بها من دون أن تعمل بها (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون) [الصف: 2] وقوله تعالى: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا) [النمل: 14] بل هو العلم الذي لا ينفك عن الآثار المترتبة عليه، ولا يمن في الضرورة العقلية أن يصب الله هاديا من دون أن يكون معصوما وذلك لاستلزام طاعة الهادي فإن كان مصيبا في عمله فقد أدرك الهدى من جهتيه، من جهة طاعة الهادي ومن جهة إصابة الكم الواقعي، لكن ما ذا لو كان الهادي خطئا أو عاصيا عندئذ إن أطعته خالفت الحكم الواقعي وأمر الله بعدم العصيان، وإن تختلف عنه خالفت أمر الله بطاعة الهادي، وهذا ما لا يمكن لله أن يوقع عباده فيه، وهو الذي كتب على نفسه الرحمة.!!.
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست