هذه المحاور وغيرها، لا أخالني مبالغا إن قلت إنها تمثل مرتكزات فكرية جوهرية في أي مروع حضاري يريد لنفسه أن يتجذر في سوك الواقع، والنتيجة فهذه المحاور من الناحية الموضوعية ليست من بنات الفكر المعاصر، وإنما هي هواجس مركزية تلح على الفكر الجاد - أينما انبثق له نبع - حينما يريد أن يعمل منهجه التغييري في وسط الساحة الاجتماعية، أو يتواصل معه.
ولهذا ليس من قبيل الصدفة أن نجد هذا الهم والهاجس يطرح نفسه وبصور مختلفة ومتعددة في القرآن الكريم، فتجده مرة يتعامل مع صورته السلبية فيقذع في وصف اتباع القديم كما في قوله تعالى: (قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين. قال هل يسمعونكم إذ تدعون. أو ينفعونكم أو يضرون. قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون. قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون. أنتم وآباؤكم الأقدمون). (1) وكذا قوله تعالى: " قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم * أف لكم ولما تعبدون من دون