الامامة ذلك الثابت الإسلامى المقدس - الشيخ جلال الصغير - الصفحة ١٩١
كانت موجودة قبل خلق الخلق، (1) غذ لا يعقل تخلف العلة عن المعلول، وها ما تؤكده الآية الثانية التي تحدثت في نفس الاتجاه، ففي آية الأمانة المارة نلحظ أن أمانة الوجود الكوفي قد عرضت على سائر الموجودات الكونية فأبين أن يحملنها وأشفقن منها، ولكن حملها ذلك الإنسان الذي لا يتصف بالظلم والجهل ولم يقاربهما بحيث وصل به الكمال إلى درجته القصوى ن وهو نفس المعنى الذي يؤدي غليه مصطلح (أحسن العاملين)، (2)

١ - وهذا ما يتفق مع منظومة الأحاديث المتواترة لدى الطرفين من المسلمين والمتعلقة بالخلق النوري لرسول الله (ص) وعترته الأطهار (عليهم السلام) قبل أن تخلق السماوات والأرض.
٥٣ - وهو نفس السر الذي جعل الملائكة بعد حالة الاعتراض الأولى التي نلمسها في قوله تعالى على لسانهم (/ قالوا أتجعل فيها من يفسر فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمد ونقدس لك) أن يستلموا مباشرة بعد أن يعرفوا أن ثمة وجود غير الوجود التكوني المتمثلة في صورة آدم (عليه السلام)، وهو المتمثل بما بعد أخبار آدم الأسماء، فذا قال لهم الله: (إني أعلم ما لا تعلمن) شرع في إزاحة المجهول الذي لم تلمه حتى الملائكة (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال انبؤني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين) وبمجرد رؤيتهم لما عرض عليهم من أسماء استسلموا فورا وعبروا عن هذا الاستسلام بقولهم (قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم).
ولهذا حينما تحملوا رؤية ما عرض عليهم كشف لهم ما خفي عليهم (قال يا آدم أنبأنهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون) [البقرة: ٣٠ - ٣٣].
وهذا ما يقودنا ضمن هذه العجالة إلى استخلاص جملة من الحقائق:
الأول: تفاهة وجهل من قال أن هذه الأسماء هي بعض ما خلق الله في هذا العالم كالجبال والأنهار أو أنها كانت أسماء النباتات وبعض المأكولات، وأو غير ذلك، فما كان لعلم الملائكة أن بغيب عن ذلك فهم الواسطة في إدارة الخق لهذه الأمور، بينما نلحظ أن هذه الأسماء كانت مخلوقة قبل خلق نفس الملائكة، مما يعني أنها مخلوقة قبل خلق الخلق أجمعين.
الثاني: إن هذه الأسماء أسمى من الملائكة منزلة ورفعة، ويؤكدها الحديث المتواتر لدى الطرفين من قول جبرئيل (عليه السلام) في حديث المعراج: تقدم يا محمد فلو دنوت أنملة لاحترقت.
الثالث: يؤكد حقيقة الخلق النوري قبل خلق السماوات والأرض لما ورد لدى الطرفين وأجمع عليه حديث أهل البيت (عليهم السلام) بأنهم المعصومين الأربع عشر (صلوات الله عليهم أجمعين). ومن جملته ما رواه علي بن إبراهيم بإسناده إلى شهاب بن عبد ربه قالك سمعت الصادق (عليه السلام) يقول يا شهاب نحن شجرة النبوة، ومعدن الرسالة ن ومختلف الملائكة، ونحن عهد الله وذمته ونحن ودائع الله وحجته كنا أنوارا صفوفا حول العرش، نسبح فيسبح أهل الأرض بتسبيحنا، وأنا لنحن الصافون، وأنا لنحن المسبحون. (تفسير القمي ٢: ٢٠١).
وكما في موقفة أبي حمزة الثمالي حيث قال: سمعت علي ابن الحسين (عليه السلام) يقول: إن الله تبارك وتعالى خلق محمدا وعليا والأئمة الأحد عشر من نور عظمته أرواحا في ضياء نوره يعبدونه قبل خلق الخق، يسبحون الله عز وجل ويقدسونه، وهم الأئمة الهادية من آل محمد (عليهم السلام). (كمال الدين وتمام النعمة: ٣١٨ - ٣١٩ ب ٣١ ح ١١).
وللتفصيل انظر على سبيل المثال: الزيارة الجامعة الكبيرة، مصباح المتهجد وسلاح المتعبد: ٧٥٣، وتأويل الآيات الظاهرة: ٢٨٠، ٤٨٥، ٤٨٧، ٥٩٧، إعلام الورى بأعلام الهدى: ٤٠٨، وإقبال الأعمال ٤٦٢، وعلل الشرائع: ٤٦١ ب ١٣٠ ح ١، وكذا في ١٧٤ ب ١٣٩ ح ١ والعدد القوية: ٧١ وغيرها كثير.
وبطبيعة الحال فحيث ما تفتقد تيار الضلال فمن المعتاد تجده عند مواضع إنكار مقامات أهل البيت (عليهم السلام) فقد قام هذا التيار بإنكار أن تكون القضية متعلقة بهم (صلوات الله عليهم) حيث قال رأسهم: فليس من الضروري أن تكون المسميات موجودات أحياء عقلاء محجوبين تحت حجاب الغيب. (من وحي القرآن 1: 221 ط. ج).
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست