إذن فإن المجود المكلف خلق من أجل هدف العبادة، ولذا فغن سائر ما خلق في هذه الكون مسخر لتحقيق هذا الهدف وهذه الغاية.
وعليه فمن الجهل بمكان أن نتصور أن ما أودع في هذا الكون من نعم وما سخر الله للإنسان مما في السماوات والأرض بالصورة والمطلقة التي عبرت عنها الآيات الكريمة: (الله الذي خلق السنوات والأرض وأنزل من المساء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار. وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل النهار. وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار) (1) لمجرد لهبة والعطاء والأنعام المجرد من الغاية، بل تظهر خاتمة الآية الكريمة: (إن الإنسان لظلوم كفار) تداخل هذه المنح والايتاء مع مسؤولية المكلف في هذا الكون، فلا معنى لوجود كلمة الظلوم إلا في مصفا الحديث عن دور هذا المكان في هذا الوجود.