4 - كونه المستحق للعبادة فقط، ولا معبود بحق سواه وهذا هو الهدف المهم من بعث الأنبياء، لأن سلامة الفطرة تسوق الإنسان إلى التوحيد في الذات وإنما تحيط به الوساوس في توحيد العبادة ولأجله ركز الأنبياء على ذلك أكثر مما سواه قال سبحانه: * (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) * (النحل - 36).
وقال سبحانه: * (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) * (الأنبياء - 25).
وبما أن الإله في قولنا: " لا إله إلا الله " ليس بمعنى المعبود - كما هو المعروف - بل هو ولفظة الجلالة سيان في المعنى غير أن أحدهما مفهوم كلي والآخر علم لفرد من هذا الكلي، يكون الاعتراف بتوحيد الإله بذلك المعنى - اعترافا بأمور أربعة:
أ - توحيده في ذاته ووجوده وأنه لا نظير له.
ب - توحيده في الخلق والإيجاد.
ج - توحيده في التدبير والربوبية.
د - توحيده في العبادة.
إن المراد من حصر الخلق بالله سبحانه، هو الإيجاد القائم بذاته، المستقل في فعله، كما أن المراد من حصر التدبير فيه، كونه قائما بتدبر العالم، على وجه الاستقلال، من غير أن يستعين بآخر.
والخلق والتدبر، بهذا المعنى من شؤون الإله الواجب القديم الذي لا نظير له، فلا حاجة إلى الإذعان بالثاني والثالث تفصيلا، نعم لو التفت إلى أن هنا أمورا ثلاثة: ذاته، إيجاده، وتدبيره، لم يكن محيص عن الاعتقاد بالثلاثة، وأنه منفردا في ذاته، وفعله وتدبيره.