كان مصروفا إلى أصل الإيمان. وما دل على كونه قابلا لهما فهو مصروف إلى الإيمان الكامل (1).
أقول: إن القول بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص أشبه بقول المرجئة الذين رفعوا شعار لا تضر المعصية مع الإيمان، فاكتفوا بالتصديق وأهملوا العمل، فقالوا: إن إيمان واحد منا، كإيمان جبرئيل ومحمد (2) ولأجل ذلك ترى أن المحققين رفضوا ذلك الأصل وقالوا بأنه يزيد وينقص حتى ولو فسر بالتصديق.
وذلك لأن للتصديق درجات ومراتب وليس تصديق الرسول كتصديق الولي، ولا تصديقهما كتصديق سائر الناس، قال سبحانه: * (وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا) * (الأنفال - 2) وقال سبحانه: * (إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا) * (آل عمران - 173) وقال سبحانه: * (وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما) * (الأحزاب - 22) والمراد من الإيمان هو التصديق بقرينة عطف " تسليما " عليه.
إن الإيمان يزيد وينقص في كلا الجانبين، أما من جانب العقيدة: فأين إيمان الأولياء والأنبياء بالله ورسوله من إيمان سائر الناس، وأما من جانب العمل، فأين إيمان من لا يعصي الله سبحانه طرفة عين بل لا يخطر بباله العصيان، من المؤمن التارك للفرائض والمرتكب للكبائر.
ثم لا ننكر أنه ربما يؤدي ترك الفرائض وركوب المعاصي مدة طويلة إلى الإلحاد والإنكار والتكذيب والجحد، قال سبحانه: * (ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزءون) * (الروم - 10).